المعايير المزدوجة والتفاوت في مواقف وإجراءات الأمم المتحدة تجاه القضايا الدولية كتبهافتحي الذاري ❗خاص❗ ❗️sadawilaya❗
المعايير المزدوجة والتفاوت في مواقف وإجراءات الأمم المتحدة تجاه القضايا الدولية
كتبها/فتحي الذاري
❗خاص❗ ❗️sadawilaya❗
تشكل الأمم المتحدة، منذ تأسيسها، منصة دولية تهدف إلى حفظ السلام والأمن الدوليين، وتعزيز حقوق الإنسان، وتحقيق التنمية المستدامة. ومع ذلك، فإنّ واقع أداء المنظمة خلال العقود الماضية يظهر أن هناك العديد من الاختلافات والتباينات في تطبيق المبادئ والمعايير، لا سيما بين الدول الكبرى والدول الأقل نفوذًا. يتجلى ذلك في التعامل مع قضايا العقوبات، الاحتلال، والديمقراطية، حيث تُظهر السياسات الدولية أوجه عدم اتساق وتفاوتًا قد يصل إلى مستوى المعايير المزدوجة، مما يُثير العديد من التساؤلات حول شرعية وحيادية هذه المؤسسة العالمية.
تفرض الأمم المتحدة إجراءات عقابية على إيران بسبب أنشطتها النووية، في حين أن السياسات تجاه كيان الاحتلال الإسرائيلي تتسم بالمرونة، وأحيانًا بالتجاهل لخرق القرارات الدولية ذات الصلة، خاصة في الأراضي المحتلة. يُلاحظ أن العقوبات على إيران غالبًا ما تكون استجابة لضغوط سياسية، في حين تبقى انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة في الأراضي الفلسطينية، وخاصة في القدس وغزة، دون عقاب فعال من قبل المجتمع الدولي.
شهدت العقوبات المفروضة على إيران عدة انتقادات بأنها غير قانونية أو غير شرعية، خاصة تلك التي تتعامل مع حقوق السيادة الوطنية، وتُعد من أدوات الضغوط السياسية، وليس أدوات قانونية محمية بموجب معايير القانون الدولي. بالمقابل، تقف الدول الكبرى أحيانًا موقف المتفرج أو حتى الداعم لسياسات كيان الاحتلال الاسرائيلي، رغم مخالفاته الواضحة لقرارات الشرعية الدولية، مما يعرقل جهود تحقيق السلام والعدالة.
بالنظر إلى أداء الأمم المتحدة، نجد أن الديمقراطية لا تزال مفقودة في ممارساتها وإجراءاتها، حيث تتمايز مواقف الدول الكبرى - وخاصة الولايات المتحدة الأميركية، الدول الأوروبية، وروسيا والصين - بشكل كبير عن الدول ذات الأنظمة الأكثر تواضعًا أو تلك التي تعارض السياسات الغربية، مما ينعكس في القرارات والأحكام الدولية. إذ يلاحظ أن التوازن في تبني القرارات غالبًا ما يُخدم مصالح القوى العظمى، على حساب الحق والعدالة الدولي. يوجد العديد من الأدلة على أن السياسات الدولية للدول الكبرى تفتقر إلى الموضوعية والعدالة، وتستخدم أدوات النفوذ، بما فيها الفيتو في مجلس الأمن، للتضييق على حقوق الشعوب والدول ذات السيادة، مع استثناءات واضحة تدهور فيها معايير العدالة الدولية، كما يحدث الآن في الأزمة الفلسطينية وسلوك الاحتلال الإسرائيلي.
ينادى العديد من المفكرين والمنظمات الحقوقية والإثنيات الدولية إلى إحداث "ثورة" على مستوى المنظومة الأممية، بهدف إصلاح الاختلالات الحالية، وإعادة الاعتبار لمبادئ العدالة، وحقوق الشعوب، ومبادئ السيادة والكرامة الإنسانية. ضرورة تجاوز المعايير المزدوجة، والعقوبات غير القانونية، والانتقائية في تطبيق القانون الدولي، من أجل خلق نظام أكثر إنصافًا يمثل مصالح الجميع، وليس قوى الهيمنة والاستغلال.
على المجتمع الدولي الوقوف ضد السياسات الغربية والأمريكية التي تتجنب تطبيق العدالة وتدعم سياسات الاحتلال والتوسع، وذلك من خلال تعزيز المنظمات الدولية المستقلة، وتفعيل محاكم العدالة الدولية، ورفض ازدواجية المعايير التي تسمح للكيان الصهيوني بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق الفلسطينيين دون محاسبة، فيما تُفرض عقوبات قاسية على أي دولة تسعى للدفاع عن سيادتها. إن الواقع المرير الذي يعيشه العالم اليوم يظهر بوضوح أن هناك حاجة ماسة لقيام "ثورة في الفكر والمنظومة الدولية". فلا بد من إصلاح شاملة لمؤسسات الأمم المتحدة، من خلال مراجعة قواعدها، وإعادة تفعيل مبادئها الأساسية، والتوقف عن ازدواجية المعايير، والعمل على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية بشكل عادل وشفاف. فقط بهذا يمكن أن يُبنى عالم أكثر عدلاً، يضمن حقوق جميع الشعوب، ويحترم السيادة، ويعمل على إرساءالسلامة والعدالة للجميع، ويعزز من التعاون الدولي لحل النزاعات وتحقيق التنمية المستدامة. إن التغيير الحقيقي يتطلب إرادة سياسية قوية من قبل القيادات العالمية، وتعاون دولي يؤكد مصلحة الإنسانية جمعاء، مع تعزيز دور المنظمات الدولية في مراقبة وتنفيذ القرارات بشكل فعال وشفاف. فقط من خلال تبني هذه المبادئ والعمل على تحقيقها، يمكننا أن نبني مستقبلًا أكثر استقرارًا، يعمّه السلام والازدهار لعالمنا.
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها